هل عليك استخدام الإشارة أم التوجيه الصوتي عند توجيه الكلب؟
إذا شاهدت ذات مرة جلسة ترويض للكلاب، فإنك سوف تلاحظ في أغلب الحالات أن الكلاب لا يتم تدريسها بالأوامر اللفظية فقط، بل أيضًا يتعلمون الاستجابة للإيماءات الصادرة من الإنسان على هيئة إشارات باليد، فمثلًا لتعليم الكلب الاستلقاء على الأرض فإننا نقول له: “أسفل”، مع حركة باليد تعني النزول بشرط أن يكون أمام نظره، ويُسمى ذلك الاتصال من الناحية الفنية “ثنائي النسق” لأنه يستخدم كلا الأمرين الحسيين (السمع والرؤية).
أغلب الناس يعتقدون أن الاعتماد الأكبر في الاتصال بين الإنسان والكلب يكون على الكلمات المنطوقة، ويميلون كثيرًا إلى التقليل من تأثير لغة الجسد في عملية نقل الرسالة، وتحديدًا الإشارات البصرية التي تصدر من حركات اليد والجسد معًا، وفي الكثير من الحالات تكون لغة الجسد تلقائية بشكل لا يدعنا نتمعن التفكير في كيفية تأديتها، لكنها تخدم الغرض وتعزز وتوضح رسائلنا للأشخاص الآخرين، لذلك نعتمد عليها في الاتصال بين الأشخاص وبعضها.
الأشكال التالية توضح مواضع مختلفة لحركة جسم الشخص، يُقصد بها التعبير عن حالة معينة باستخدام إشارة لتوصيل رسالة ما، انظر إلى الأشكال واختبر ما إذا كنت ستنجح في ربط دلالات الإشارات مع العبارات التالية أم لا.
لقد فُزنا.
لا أريد أيًا من ذلك حقًا.
أهلًا بك في منزلي.
لا تنسى أنني ما زلت الرئيس هنا.
يعاني بعض الناس من صعوبة طفيفة في ربط لغة الجسد بالكلمات، وإنه لمن الصعب تصور أن عبارة حماسية مثل “لقد فزنا” يعبر عنها بصورة شخص يقف بلا حركة.
وبما أن القنوات اللفظية والبصرية هي وسائل منفصلة لتقديم الرسالة، فمن المثير للاهتمام معرفة أيهما أكثر فعالية، وهو أمر مهم جدًا خاصةً بالنسبة لمروضي الكلاب المشاركين في منافسات يشترط فيها أحيانًا على المنافس أن يخبر الكلب بما يقوم به مستخدمًا إحدى الوسيلتين، إما الأمر اللفظي أو إشارة اليد، وليس كليهما.
اقرأ أيضاً :لغة الجسد فراسة أم عرافة ؟
قرر فريق بحث بقيادة “Anna Scandurra” بجامعة نابلس فيدريكو الثاني، الإجابة على التساؤل التالي: أي من الكلمات المنطوقة والإيماءات الجسدية أكثر فعالية في توجيه الكلاب؟، حيث اعتمد الاختبار على إحضار عناصر مختلفة ووضعهما أمام الكلب، ثم يقوم مالك كل كلب بأمره بإحضار العنصر مرة بالكلمات المنطوقة أو بالإشارة، ومراقبة استجابتهم.
في هذه الدراسة تم تدريب ثلاثة عشر كلبًا على إحضار واحد من ضمن ثلاثة عناصر عندما نطق مدربه اسمها، وبالمثل في حالة الإشارة إليها فيُطلب منهم إحضار أي من تلك العناصر أيضًا. لذا، قبل الاختبار النهائي، كان من المهم تدريب الكلاب على الاستجابة للأوامر اللفظية والإيماءات بشكل متساوٍ، وكان ذلك أصعب من المتوقع؛ ففي النهاية لم يستوف هذا المعيار سوى تسعة كلابٍ، وتأهلوا لمرحلة التقييم النهائية.
تكونت مرحلة الاختبار من اثني وثلاثين تجربة، وُضع فيها عنصرين على مسافة 2 متر من بعضيهما في الغرفة، ومن ثم تم استخدام عدة تجارب مُقسمة على أربعة مراحل، وفي كل مرحلة يتم تجربة نفس الشيء ثمانية مرات.
ثمانية مرات يقوم فيها مالك الكلب بالإشارة إلى العناصر فقط، وثمانية ينطق فيها اسم العنصر فقط، وثمانية يجمع فيها بين الإشارات والكلمات، والثمانية الأخيرة كانت هي الحاسمة، لأن الكلمة المنطوقة والإشارة التي يتم يتأديتها كانتا متناقضين، فمثلًا إذا كان أحد العنصرين زجاجة بلاستيكية، والأخرى كانت قطعة خشب، يمكن للمدرب إعطاء أمر “زجاجة” والإشارة إلى قطعة الخشب، وكان السبب في ذلك هو معرفة الأمر المؤثر أكثر على الكلب من خلال مراقبة استجابته.
كانت النتيجة واضحة، ففي البداية استجاب الكلاب للإشارات الكلامية والإيماءات على حد السواء، وفي حالة القيادة ثنائية النسق، عندما تم استخدام الكلمة والإشارة معًا، استجابت الكلاب بشكل أسرع بكثير، لكن الاختبار الأهم يكمن في نتيجة اختبار استجابة الكلاب عندما تعطى الكلمة والإيماءة معلومات متضاربة؛ ففي هذه الحالة سبعة من التسعة كلاب المختبرين اختاروا الاستجابة لإشارة اليد من دون تردد، بينما تردد الكلبان الآخران في إبداء رد فعل على الإشارة أو الكلمة، ولم يظهر على أحد الكلاب تفضيلًا للأمر المنطوق عن إشارة اليد.
يؤكد هذا البحث النتائج التي أسفرت عنها البحوث الأخرى، أنه على الرغم من قدرة الكلاب على الاستجابة إلى الكلمات والإشارات فإن الإشارات هي الأكثر فعالية.
كما يدعم هذا البحث أيضًا فكرة أن الكلاب تتصرف كثيرًا كما الأطفال الصغار، عندما يتعلق الأمر بالقدرات العقلية، ويمكنك تأكيد ذلك لنفسك، إذا كان لديك طفل ذو ثلاث سنوات، ببساطة ضع أمامه عنصرين على بعد ستة اقدام عن بعضيهما، وليكن كرة حمراء وأخرى خضراء، وقل له: “أجلب الكرة الحمراء”، وأنت تشير إلى الخضراء.
وتشير البحوث السابقة إلى أنه على الرغم من اختلاف الظروف، فإن الطفل البشري يتصرف مثل الكثير من الكلاب في هذه التجربة، ما يؤكد على الكثير من التشابه بين الكلاب والأطفال البشرية.
اقرأ أيضاً :
المصادر :